أشرافهم، وقد خشيت الفتنة، فانظر يا عمر ماذا ترى! واذكر لإخوتك من المهاجرين، واختاروا لأنفسكم، فإني أنظر إلى باب فتنة قد فتح الساعة إلا أن يغلقه الله. ففزع عمر أشد الفزع، حتى أتى أبا بكر، فأخذ بيده، فقال: قم، فقال أبو بكر: أين نبرح حتى نواري رسول الله! إني عنك مشغول. فقال عمر: لابد من قيام، وسنرجع إن شاء الله.
فقام أبو بكر مع عمر، فحدثه الحديث، ففزع أبو بكر أشد الفزع، وخرجا مسرعين إلى سقيفة بنى ساعدة، وفيها رجال من أشراف الأنصار، ومعهم سعد بن عبادة وهو مريض بين أظهرهم، فأراد عمر أن يتكلم ويمهد لأبي بكر، وقال خشيت أن يقصر أبو بكر عن بعض الكلام، فلما نبس عمر، كفه أبو بكر وقال: على رسلك، فتلق الكلام ثم تكلم بعد كلامي بما بدا لك. فتشهد أبو بكر، ثم قال:
إن الله جل ثناؤه بعث محمدا بالهدى ودين الحق، فدعا إلى الاسلام، فأخذ الله بقلوبنا ونواصينا إلى ما دعانا إليه، وكنا معاشر المسلمين المهاجرين أول الناس إسلاما، والناس لنا في ذلك تبع، ونحن عشيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأوسط العرب أنسابا، ليس من قبائل العرب إلا ولقريش فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأوسط العرب أنسابا، ليس من قبائل العرب إلا ولقريش فيها ولادة، وأنتم أنصار الله، وأنتم نصرتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أنتم وزراء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإخواننا في كتاب الله وشركاؤنا في الدين، وفيما كنا فيه من خير، فأنتم أحب الناس إلينا، وأكرمهم علينا، وأحق الناس بالرضا بقضاء الله، والتسليم لما ساق الله إلى إخوانكم من المهاجرين، وأحق الناس ألا تحسدوهم، فأنتم المؤثرون على أنفسهم حين الخصاصة، وأحق الناس ألا يكون انتفاض هذا الدين واختلاطه على أيديكم، وأنا أدعوكم إلى أبى عبيدة وعمر، فكلاهما قد رضيت لهذا الامر، وكلاهما أراه له أهلا.