قد كان عندك للمعروف معرفة * وكان عندك للمنكور تنكير وكنت تغشى وتعطى المال من سعة * فاليوم قبرك أضحى وهو مهجور والناس بعدك قد خفت حلومهم * كأنما نفخت فيه الأعاصير (1) وسألت قطب الدين نقيب الطالبيين أبا عبد الله الحسين بن الأقساسي رحمه الله تعالى عن ذلك، فقال: صدق من أخبرك نحن وأهلها كافة نعرف مقابر ثقيف إلى الثوية، وهي إلى اليوم معروفة، وقبر المغيرة فيها، إلا أنها لا تعرف، وقد ابتلعها السبخ وزبد الأرض وفورانها، فطمست واختلط بعضها ببعض.
ثم قال: إن شئت أن تتحقق أن قبر المغيرة في مقابر ثقيف فانظر إلى كتاب الأغاني لأبي الفرج علي بن الحسين، والمح ما قاله في ترجمة المغيرة، وأنه مدفون في مقابر ثقيف، ويكفيك قول أبى الفرج، فإنه الناقد البصير، والطبيب الخبير، فتصفحت ترجمة المغيرة في الكتاب المذكور، فوجدت الامر كما قاله النقيب.
* * * قال أبو الفرج: كان مصقلة بن هبيرة الشيباني (2) قد لاحى المغيرة في شئ كان بينهما منازعة، فضرع له المغيرة وتواضع في كلامه، حتى طمع فيه مصقلة، فاستعلى عليه وشتمه، وقال: إني لأعرف شبهي في عروة ابنك، فأشهد المغيرة على قوله هذا شهودا، ثم قدمه إلى شريح القاضي، فأقام عليه البينة، فضربه شريح الحد، وآلى مصقلة ألا يقيم ببلدة فيها المغيرة، فلم يدخل الكوفة، حتى مات المغيرة، فدخلها، فتلقاه قومه فسلموا عليه، فما فرغ من السلام حتى سألهم عن مقابر ثقيف، فأرشدوه إليها، فجعل قوم من مواليه