فإذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به، وشفينا أنفسنا منه، وأدركنا ثأرنا. فلم يزل به حتى أجابه.
فأقبل به حتى دخلا على قطام، وهي معتكفة في المسجد الأعظم، قد ضربت لها قبة، فقالا لها: قد أجمع رأينا على قتل هذا الرجل، قالت لهما: فإذا أردتما ذلك فالقياني في هذا الموضع. فانصرفا من عندها، فلبثا أياما ثم أتياها، ومعهما وردان بن مجالد، الذي كلفته مساعدة ابن ملجم، وذلك في ليلة الجمعة لتسع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة أربعين.
قال أبو الفرج: هكذا في رواية ابن مخنف، وفى رواية (1) أبى عبد الرحمن السلمي أنها كانت ليلة سبع عشرة من شهر رمضان، فقال لها ابن ملجم، هذه الليلة هي التي وعدت فيها صاحبي ووعداني أن يقتل كل واحد منا صاحبة الذي يتوجه إليه.
قلت: إنما تواعدوا بمكة: عبد الرحمن، والبرك، وعمرو، على هذه الليلة، لأنهم يعتقدون أن قتل ولاة الجور قربة إلى الله، وأحرى القربات ما تقرب به في الأوقات الشريفة المباركة.
ولما كانت ليلة الجمعة التاسعة عشرة من شهر رمضان، ليلة شريفة يرجى أن تكون ليلة القدر، عينوها لفعل ما يعتقدونه قربة إلى الله، فليعجب المتعجب من العقائد، كيف تسرى في القلوب، وتغلب على العقول، حتى يرتكب الناس عظائم الأمور، وأهوال الخطوب لأجلها!
قال أبو الفرج: فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم، وتقلدوا سيوفهم، ومضوا فجلسوا مقابل السدة التي كان يخرج منها علي عليه السلام إلى الصلاة.
* * *