ثم رأيت بريق سيف آخر، وسمعت صوت علي عليه السلام، يقول: لا يفوتنكم الرجل.
* * * قال أبو الفرج: فأما بريق السيف الأول، فإنه كان شبيب بن بجرة ضربه فأخطاه، ووقعت ضربته في الطاق، وأما بريق السيف الثاني، فإنه ابن ملجم ضربه فأثبت الضربة في وسط رأسه، وشد الناس عليهما من كل ناحية، حتى أخذوهما.
قال أبو مخنف: فهمدان تذكر أن رجلا منهم، يكنى أبا أدماء أخذ ابن ملجم.
وقال غيرهم: بل أخذه المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب، طرح عليه قطيفة ثم صرعه، وأخذ السيف من يده وجاء به.
قال: وأما شبيب بن بحيرة، فإنه خرج هاربا، فأخذه رجل فصرعه، وجلس على صدره، وأخذ السيف من يده ليقتله، فرأى الناس يقصدون نحوه، فخشي أن يعجلوا عليه، فوثب عن صدره 1)، وخلاه وطرح السيف عن يده، وأما شبيب بن بحيرة ففاته، فخرج هاربا حتى دخل منزله، فدخل عليه ابن عم له، (2 فرآه يحل الحرير عن صدره، فقال له 2):
ما هذا؟ لعلك قتلت أمير المؤمنين! فأراد أن يقول: لا، فقال: نعم، فمضى ابن عمه فاشتمل على سيفه ثم دخل عليه فضربه حتى قتله.
قال أبو مخنف: فحدثني أبى، عن عبد الله بن محمد الأزدي، قال: أدخل ابن ملجم على علي عليه السلام، ودخلت عليه فيمن دخل، فسمعت عليا يقول: النفس بالنفس، إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني، وإن سلمت رأيت فيه رأيي، فقال ابن ملجم: ولقد اشتريته بألف - يعنى السيف -، وسممته بألف، فإن خانني فأبعده الله! قال: فنادته أم كلثوم:
يا عدو الله، قتلت أمير المؤمنين! قال: إنما قتلت أباك، قالت: يا عدو الله إني لأرجو