فبلغ عليا عليه السلام قوله، فقال: لو قتل النهدي يومئذ لقتل شهيدا.
وقال معاوية للهيثم بن الأسود أبى العريان - وكان عثمانيا، وكانت امرأته علوية الرأي، تكتب بأخبار معاوية في أعنة الخيل وتدفعها إلى عسكر علي عليه السلام بصفين فيدفعونها إليه - فقال معاوية بعد التحكيم: يا هيثم، أهل العراق كانوا أنصح لعلى في صفين أم أهل الشام لي؟ فقال: أهل العراق قبل أن يضربوا بالبلاء كانوا أنصح لصاحبهم، قال: كيف قلت ذلك؟ قال: لان القوم ناصحوه على الدين، وناصحك أهل الشام على الدنيا، وأهل الدين أصبر، وهم أهل بصيرة، وإنما أهل الدنيا أهل طمع، ثم والله ما لبث أهل العراق أن نبذوا الدين وراء ظهورهم، ونظروا إلى الدنيا، فالتحقوا بك.
فقال معاوية: فما الذي يمنع الأشعث أن يقدم علينا، فيطلب ما قبلنا؟ قال: إن الأشعث يكرم نفسه أن يكون رأسا في الحرب، وذنبا في الطمع.
* * * ومن المفارقين لعلى عليه السلام أخوه عقيل بن أبي طالب، قدم على أمير المؤمنين بالكوفة يسترفده (1)، فعرض عليه عطاءه، فقال: إنما أريد من بيت المال، فقال: تقيم إلى يوم الجمعة، فلما صلى عليه السلام الجمعة، قال له: ما تقول فيمن خان هؤلاء أجمعين؟
قال بئس الرجل! قال: فإنك أمرتني أن أخونهم وأعطيك، فلما خرج من عنده شخص إلى معاوية، فأمر له يوم قدومه بمائة ألف درهم، وقال له: يا أبا يزيد، أنا خير لك أم على؟
قال: وجدت عليا أنظر لنفسه منه لي، ووجدتك أنظر لي منك لنفسك.
وقال معاوية لعقيل: إن فيكم يا بني هاشم لينا، قال: أجل إن فينا لينا من غير