شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٨١
وهذه الآية من الآيات التي نزل فيها القرآن بموافقة علي عليه السلام، كما نزل في مواضع بموافقة عمر، وسماه الله تعالى فاسقا في آية أخرى، وهو قوله تعالى: ﴿إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا﴾ (1)، وسبب نزولها مشهور، وهو كذبه على بنى المصطلق، وادعاؤه أنهم منعوا الزكاة وشهروا السيف، حتى أمر النبي صلى الله عليه وآله بالتجهز (2) للمسير إليهم، فأنزل الله تعالى في تكذيبه وبراءة ساحة القوم هذه الآية (3).
وكان الوليد مذموما معيبا عند رسول الله صلى الله عليه وآله يشنؤه ويعرض عنه، وكان الوليد يبغض رسول الله صلى الله عليه وآله أيضا ويشنؤه، وأبوه عقبة بن أبي معيط هو العدو الأزرق بمكة، والذي كان يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه وأهله، وأخباره في ذلك مشهورة، فلما ظفر به يوم بدر ضرب عنقه. وورث ابنه الوليد الشنآن والبغضة (4) لمحمد وأهله فلم يزل عليهما إلى أن مات.
قال الشيخ أبو القاسم: وهو أحد الصبية الذين قال أبو عقبة فيهم، وقد قدم ليضرب عنقه: من للصبية يا محمد؟ فقال: (النار، اضربوا عنقه).
قال: وللوليد شعر يقصد فيه الرد على رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال:
(إن تولوها عليا، تجدوه هاديا مهديا). قال: وذلك أن عليا عليه السلام لما قتل قصد بنوه أن يخفوا قبره خوفا من بنى أمية أن يحدثوا في قبره حدثا، فأوهموا الناس في موضع قبره تلك الليلة - وهي ليلة دفنه - إيهامات مختلفة، فشدوا على جمل تابوتا موثقا بالحبال، يفوح منه روائح الكافور، وأخرجوه من الكوفة في سواد الليل صحبة ثقاتهم، يوهمون أنهم يحملونه إلى المدينة فيدفنونه عند فاطمة عليها السلام، وأخرجوا بغلا وعليه جنازة (5) مغطاة،

(١) سورة الحجرات ٦ (2) ج: (التجهيز).
(3) أسباب النزول 291، 292.
(4) البغضة: شدة البغض.
(5) الجنازة، بالكسر وبفتح: الميت.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232