عواتقهم، وقد اسودت جباههم من السجود، يتقدمهم مسعر بن فدكي، وزيد بن حصين وعصابة من القراء الذين صاروا خوارج من بعد، فنادوه باسمه لا بإمرة المؤمنين:
يا علي، أجب القوم إلى كتاب الله إذ دعيت إليه، وإلا قتلناك كما قتلنا ابن عفان، فوالله لنفعلنها إن لم تجبهم!
فقال لهم: ويحكم! أنا أول من دعا إلى كتاب الله، وأول من أجاب إليه، وليس يحل لي، ولا يسعني في ديني أن أدعى إلى كتاب الله فلا أقبله، إني إنما قاتلتهم ليدينوا بحكم القرآن، فإنهم قد عصوا الله فيما أمرهم، ونقضوا عهده، ونبذوا كتابه، ولكني قد أعلمتكم أنهم قد كادوكم، وأنهم ليس العمل بالقرآن يريدون. قالوا: فابعث إلى الأشتر ليأتينك، وقد كان الأشتر صبيحة ليلة الهرير أشرف على عسكر معاوية ليدخله.
* * * قال نصر: فحدثني فضيل بن خديج، (عن رجل من النخع) (1) قال: سأل مصعب (2 إبراهيم بن الأشتر 2) عن الحال كيف كانت؟ فقال: كنت عند علي عليه السلام حين بعث إلى الأشتر ليأتيه، وقد كان الأشتر أشرف على معسكر معاوية ليدخله، فأرسل إليه علي عليه السلام يزيد بن هانئ: أن ائتني، فأتاه فأبلغه (3)، فقال الأشتر: إئته فقل له: ليس هذه بالساعة التي ينبغي لك أن تزيلني عن موقفي،