ابن المنذر: منا أمير ومنكم أمير، إنا والله ما ننفس (1) هذا الامر عليكم أيها الرهط، ولكنا نخاف أن يليه بعدكم من قتلنا أبناءهم وآباءهم وإخوانهم. فقال عمر بن الخطاب: إذا كان ذلك قمت إن استطعت. فتكلم أبو بكر فقال: نحن الامراء وأنتم الوزراء، والامر بيننا نصفان كشق الأبلمة (2). فبويع، وكان أول من بايعه بشير بن سعد والد النعمان ابن بشير.
فلما اجتمع الناس على أبي بكر قسم قسما (3) بين نساء المهاجرين والأنصار، فبعث إلى امرأة من بني عدي بن النجار قسمها مع زيد بن ثابت، فقالت: ما هذا؟ قال: قسم قسمه أبو بكر للنساء، قالت: أتراشونني عن ديني! والله لا أقبل منه شيئا!
فردته عليه.
قلت: قرأت هذا الخبر على أبي جعفر يحيى بن محمد العلوي الحسيني المعروف بابن أبي زيد نقيب البصرة رحمه الله تعالى في سنة عشر وستمائة من كتاب السقيفة لأحمد ابن عبد العزيز الجوهري، قال: لقد صدقت فراسة الحباب، فإن الذي خافه وقع يوم الحرة، وأخذ من الأنصار ثأر المشركين يوم بدر. ثم قال لي رحمه الله تعالى: ومن هذا خاف أيضا رسول الله ص على ذريته وأهله، فإنه كان ع قد وتر الناس، وعلم أنه إن مات وترك ابنته وولدها سوقة ورعية تحت أيدي الولاة، كانوا بعرض خطر عظيم فما زال يقرر لابن عمه قاعدة الامر بعده، حفظا لدمه ودماء أهل بيته، فإنهم إذا كانوا ولاة الامر كانت دماؤهم أقرب إلى الصيانة والعصمة، مما إذا كانوا سوقة تحت يد وال من غيرهم، فلم يساعده القضاء والقدر، وكان من الامر ما كان. ثم أفضى أمر ذريته فيما بعد إلى ما قد علمت.