بالسفرة، وقال للملاح: قل للفتى ينزل إلينا، فأبى عليه; فلم يزل يطلب إليه حتى نزل. فأكلوا. حتى إذا فرغوا ذهب الفتى ليقوم، فمنعه الشيخ حتى توضؤوا; ثم دعا بزكرة فيها شراب، فشرب قدحا، ثم سقى الجارية، ثم عرض على الفتى. فأبى وقال: أحب أن تعفيني. قال: قد أعفيناك، اجلس معنا، وسقى الجارية، وقال:
هاتي ما عندك، فأخرجت عودا لها في كيس، فهيأته وأصلحته، ثم أخذت فغنت: فقال: يا فتى! تحسن مثل هذا؟ قال: أحسن ما هو أحسن من هذا. فافتتح الفتى: * (بسم الله الرحمن الرحيم) *; * (قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا. أين ما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) *. [النساء:
77، 78] وكان الفتى حسن الصوت. قال: فرج الشيخ بالقدح في الماء، وقال: أشهد أن هذا أحسن مما سمعت! فهل غير هذا؟ قال: نعم، * (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا) * [الكهف: 29] قال: فوقعت من قلب الشيخ موقعا. قال: فأمر بالزكرة فيه فرمى بها وأخذ العود فكسره. ثم قال: يا فتى! هل هاهنا فرج؟ قال: نعم،