محمد بن أحمد القاضي، ثنا أبو الفضل العباس بن أبي الفرج الرياشي قال:
سمعت الأصمعي يقول:
أقبلت ذات يوم من المسجد الجامع بالبصرة. فبينا أنا في بعض سككها، إذ طلع أعرابي جلف جاف على قعود له متقلد سيفه وبيده قوس، فدنا وسلم وقال لي: ممن الرجل؟ قلت: من بني الأصمع، قال: أنت الأصمعي؟ قلت: نعم. قال: ومن أين أقبلت؟ قلت: من موضع يتلى فيه كلام الرحمن. قال: وللرحمن كلام يتلوه الآدميون!
قلت: نعم. قال: أتل علي شيئا منه. فقلت له: انزل عن قعودك.
فنزل; وابتدأت بسورة الذاريات. فلما انتهيت إلى قوله تعالى: * (وفي السماء رزقكم وما توعدون) * [الذاريات: 22]، قال: يا أصمعي!
هذا كلام الرحمن؟ قلت: إي والذي بعث محمدا بالحق إنه لكلامه أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم! فقال لي: حسبك! ثم قام إلى ناقته فنحرها وقطعها بجلدها، وقال: أعني على تفريقها. ففرقناها على من أقبل وأدبر. ثم عمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما وجعلهما تحت الرحل. وولى مدبرا نحو البادية وهو يقول: * (وفي السماء رزقكم وما توعدون) * [الذاريات: