والله لا عصيت الله بعد يومي هذا ما عصمني ربي. فرجعت إلى أهلي ثم جئت إلى أحد رعاة أبي، فأخذت منه جبة وكساء، وألقيت ثيابي إليه، ثم أقبلت إلى العراق، أرض ترفعني، وأرض تضعني، حتى وصلت إلى العراق. فعملت بها أياما، فلم يصف لي منها - يعني الحلال - فسألت بعض المشايخ، فقال لي: إذا أردت الحلال فعليك ببلاد الشام، فصرت إلى بلاد الشام، فسرت إلى مدينة يقال لها:
المنصورة وهي المصيصة. فعملت بها أياما فلم يصف لي شئ من الحلال، فسألت بعض المشايخ. فقالوا لي: إن أردت الحلال الصافي، فعليك بطرسوس، فإن فيها المباحات والعمل الكثير، فتوجهت إلى طرسوس فعملت بها أياما أنظر البساتين وأحصد الحصاد. فبينا أنا قاعد على باب البحر، جاءني رجل فاكتراني أنظر له بستانه. فكنت في البستان أياما كثيرة، فإذا أنا بخادم قد أقبل ومعه أصحابه. فقعد في مجلسه، ثم صاح: يا ناطور! فقلت: هو ذا أنا. فقال: اذهب فأتنا بأكبر رمان تقدر عليه وأطيبه. فذهبت فأتيته بأكبر رمان، فأخذ الخادم رمانة فكسرها، فوجدها حامضة، فقال: يا ناطور!