وكان لقريش رحلتان في كل عام، أما في الشتاء فإلى الشام، وأما في الصيف فإلى الحبشة، قالوا: نعم، وكان في البيت بئر تكون فيه الحلية والهدية، فكانت قريش ترتضي لذلك رجلا، فيكون على تلك البئر وما فيها، فبينا رجل كان ممن يرتضى لها، سولت له نفسه أن يختان، فنظر حتى إذا انقطعت الظلال (1) وارتفعت المجالس، بسط ثوبه، ثم نزل فيها، فأخذ، م الثانية، ثم الثالثة، فقض (2) الله عليه حجرا فيها، فحبسه فيها... (3) رأسه أسفله، فراح الناس فأخرجوه، فأعاد ما كان أخرج منها، فبعث الله ثعبانا فأسكنه إياها، فكان إذا أحس عند الباب حسا أطلع رأسه، فلا يقربه خلق من خلق الله، فلما حضر القوم حاجتهم، قالوا: كيف بالدابة التي (4) في البيت، فقال الوليد بن المغيرة: اجتمعوا، فادعوا ربكم، فإن تكن الذي أئتمرتم لله رضى، فهو كافيكموه، وإلا فلا تستطيعونها، قال: فدعوا الله، فبعث الله طائرا فدف (5) على الباب، فلما أحسته الحية أطلعت رأسها فخطفها، فذهب بها، كأنها خشبة، يقول: كأنها تظنه (6) لا يكاد حملها، حتى وعلا سلما كانت بمكة، فلم تر بعد، وبنت قريش، فلما جاء
(٩٩)