مكايدهم بأمر أهون علي وعليك من أن نفعل ذلك بهم اليوم، ولو دعوتهم إلى قتالي كانوا قرناهم أسودان لعرب (1)، وفيهم بسر بن أرطاة، ومسلمة (2) بن مخلد، ومعاوية بن خديج الخولاني، فذرني ورأيي فيهم، وأنا أعلم بما أداري منهم، فأبى عليه علي إلا قتالهم، فأبى قيس أن يقاتلهم، وكتب قيس إلى علي: إن كنت تتهمني فاعتزلني عن عملك وأرسل إليه غيري، فأرسل الأشتر أميرا على مصر، حتى إذا بلغ القلزم (3) شرب بالقلزم شربة من عسل، فكان فيها حتفه، فبلغ ذلك معاوية وعمرو بن العاص، فقال عمرو بن العاص: إن لله جنودا من عسل، فلما بلغت عليا وفاة الأشتر، بعث محمد بن أبي بكر أميرا على مصر، فلما حدث به قيس بن سعد قادما أميرا عليه، تلقاه، فخلا به، وناجاه، وقال: إنك قد جئت من عند امرئ لا رأي له في الحرب، وإنه ليس عزلكم إياي بمانعي أن أنصح لكم، وإني من أمركم على بصيرة، وإني أدلك على الذي كنت أكايد به معاوية وعمرو بن العاص وأهل خربتا، فكايدهم به، فإنك إن كايدتهم بغيره تهلك، فوصف له قيس المكايدة التي كايدهم بها، فاغتشه محمد بن أبي بكر، وخالفه في كل شئ أمره به، فلما قدم محمد بن أبي بكر مصر، خرج قيس قبل المدينة، فأخافه مروان والأسود بن أبي البختري، حتى إذا خاف أن يؤخذ ويقتل، ركب راحلته فظهر
(٤٦٠)