يا محمد! إني لمقتول، فأمر بي إلى العباس، وكان العباس له خدنا وصديقا في الجاهلية، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم إلى العباس، فبات عنده، فلما كان عند صلاة الصبح، وأذن المؤذن، تحرك الناس، فظن أنهم يريدونه، قال: يا عباس! ما شأن الناس؟ قال: تحركوا للمنادي للصلاة، قال: فكل هؤلاء إنما تحركوا لمنادي محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: فقام العباس للصلاة، وقام معه، فلما فرغوا، قال: يا عباس!
ما يصنع محمد شيئا إلا صنعوا مثله؟ قال: نعم! ولو أمرهم أن يتركوا الطعام والشراب حتى يموتوا جوعا لفعلوا، وإني لأراهم سيهلكون قومك غدا، وقال: يا عباس! فادخل بنا عليه، فدخل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في قبة من أدم، وعمر بن الخطاب خلف القبة، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عليه الاسلام، فقال أبو سفيان:
كيف أصنع بالعزى؟ فقال عمر من خلف القبة: تخرأ عليها (1)، فقال: وأبيك إنك لفاحش، إني لم آتك يا ابن الخطاب! إنما جئت لابن عمي، وإياه أكلم، قال: فقال العباس: يا رسول الله!
إن أبا سفيان رجل من أشراف قومنا، وذوي أسنانهم وأنا أحب أن تجعل له شيئا يعرف ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، قال: فقال أبو سفيان: أداري؟ أداري؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، ومن وضع سلاحه فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، فانطلق مع العباس حتى إذا كان ببعض الطريق، فخاف منه العباس بعض الغدر، فجلسه على أكمة حتى مرت به