والتسع مئة (1)، قال: فلما جاء المشركون وصافوهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد استشار قبل ذلك في قتالهم، فقام (2) أبو بكر يشير عليه، فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم استشار، فقام عمر يشير عليه، فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم استشارهم، فقام سعد بن عبادة، فقال: يا نبي الله! لكأنك تعرض بنا اليوم لتعلم ما في نفوسنا، والذي نفسي بيده، لو ضربت أكبادها حتى برك الغماد من ذي يمن لكنا معك (3)، فوطن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه على الصبر والقتال، وسر بذلك منهم، فلما التقوا سار في قريش عتبة بن ربيعة، فقال: أي قومي! أطيعوني، ولا تقاتلوا محمدا صلى الله عليه ولم وأصحابه، فإنكم إن قاتلتموهم لم يزل بينكم إحنة ما بقيتم، وفساد لا يزال الرجل منكم ينظر إلى قاتل أخيه، وإلى قاتل ابن عمه، فإن يكن ملكا أكلتم في ملك أخيكم، وإن يك نبيا فأنتم أسعد الناس به، وإن يك كاذبا كفتكموه ذوبان (4) العرب، فأبوا أن يسمعوا مقالته، وأبوا أن يطيعوه، فقال: أنشدكم الله في هذه الوجوه التي كأنها المصابيح، أن تجعلوها أندادا لهذه الوجوه التي كأنها عيون الحيات، فقال أبو جهل: لقد ملئت (5)، سحرك (6) رعبا،
(٣٥٠)