يمتثل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبليغ سنته فيكون إثما فاحتاط وأخبر بهذه السنة مخافة من الاثم وعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ولم لم ينهه عن الاخبار بها نهى تحريم قال القاضي عياض رحمه الله لعل معاذا لم يفهم من النبي صلى الله عليه وسلم النهى لكن كسر عزمه عما عرض له من بشراهم بدليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه من لقيت يشهد ان لا إله إلا الله مستيقنا قلبه فبشره بالجنة قال أو يكون معناه بلغه بعد ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأبى هريرة وخاف أن يكتم علما علمه فيأثم أو يكون حمل النهى على اذاعته وهذا الوجه ظاهر وقد اختاره الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله فقال منعه من التبشير العام خوفا من أن يسمع ذلك من لا خبرة له ولا علم فيغتر ويتكبل وأخبر به صلى الله عليه وسلم على الخصوص من أمن عليه الاغترار والاتكال من أهل المعرفة فإنه أخبر به معاذا فسلك معاذ هذا المسلك فأخبر به من الخاصة من رآه أهلا لذلك قال وأما أمره صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة بالتبشير فهو من تغير الاجتهاد وقد كان الاجتهاد جائزا له وواقعا منه صلى الله عليه وسلم عند المحققين وله مزية على سائر المجتهدين بأنه لا يقر على الخطأ في اجتهاده ومن نفى ذلك وقال لا يجوز له صلى الله عليه وسلم القول في الأمور الدينية الا عن وحى فليس يمتنع أن يكون قد نزل عليه صلى الله عليه وسلم عند مخاطبته عمر رضي الله عنه وحى بما أجابه به ناسخ لوحى سبق بما قاله أولا صلى الله عليه وسلم هذا كلام الشيخ وهذه المسألة وهي اجتهاده صلى الله عليه وسلم تفصيل معروف فأما أمور الدنيا فاتفق العلماء رضي الله عنهم على جواز اجتهاده صلى الله عليه وسلم فيها ووقوعه منه وأما أحكام الدين فقال أكثر العلماء بجواز الإجتهاد له صلى الله عليه وسلم لأنه إذا جاز لغيره فله صلى الله عليه وسلم أولى وقال جماعة لا يجوز له لقدرته على اليقين وقال بعضهم كان يجوز في الحروب دون غيرها وتوقف في كل ذلك آخرون ثم الجمهور الذين جوزوه اختلفوا في وقوعه فنال الأكثرون منهم وجد ذلك وقال آخرون لم يوجد وتوقف آخرون ثم الأكثرون الذين قالوا بالجواز والوقوع اختلفوا هل كان الخطأ جائزا عليه صلى الله عليه وسلم فذهب المحققون إلى أنه لم يكن جائزا عليه صلى الله عليه وسلم وذهب كثيرون إلى جوازه ولكن لا يقر عليه بخلاف غيره وليس هذا موضع استقصاء هذا والله أعلم
(٢٤١)