عينه وإنما أراد قدر قيمته والدليل على هذا أن المراد به المبالغة ولهذا قال في الرواية الأخرى عناقا وفى بعضها لو منعوني جديا أذوط والأذوط صغير الفك والذقن هذا آخر كلام صاحب التحرير وهذا الذي اختاره هو الصحيح الذي لا ينبغي غيره وعلى هذا اختلفوا في المراد بمنعوني عقالا فقيل قدر قيمته وهو ظاهر متصور في زكاة الذهب والفضة والمعشرات والمعدن والزكاة وزكاة الفطر وفى المواشي أيضا في بعض أحوالها كما إذا وجب عليه سن فلم يكن عنده ونزل إلى سن دونها واختار أن يرد عشرين درهما فمنع من العشرين قيمة عقال وكما إذا كانت غنمه سخالا وفيها سخلة فمنعها وهي تساوى عقالا ونظائر ما ذكرته كثيرة معروفة في كتب الفقه وإنما ذكرت هذه الصورة تنبيها بها على غيرها وعلى أن متصور ليس بصعب فانى رأيت كثيرين ممن لم يعان الفقه يستصعب تصوره حتى حمله بعضهم وربما وافقه بعض المتقدمين على أن ذلك للمبالغة وليس متصورا وهذا غلط قبيح وجهل صريح وحكى الخطابي عن بعض العلماء أن معناه منعوني زكاة لعقال إذا كان من عروض التجارة وهذا تأويل صحيح أيضا ويجوز أن يراد منعوني عقالا أي منعوني الحبل نفسه على مذهب من يجوز القيمة ويتصور على مذهب الشافعي رحمه الله على أحد أقواله فإن للشافعي في الواجب في عروض التجارة ثلاثة أقوال أحدها يتعين أن يأخذ منها عرضا حبلا أو غيره كما يأخذ من الماشية من جنسها والثاني أنه لا يأخذ الا دراهم أو دنانير ربع عشر قيمته كالذهب والفضة والثالث يتخير بين العرض والنقد والله أعلم وحكى الخطابي عن بعض أهل العلم أن العقال يؤخذ مع الفريضة لأن على صاحبها تسليمها وإنما يقع قبضها التام برباطها قال الخطابي قال ابن عائشة كان من عادة المصدق إذا أخذ الصدقة أن يعمد إلى قرن وهو بفتح القاف والراء وهو حبل فيقرن به بين بعيرين أي يشده في أعناقهما لئلا تشرد الإبل وقال أبو عبيد وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة على الصدقة فكان يأخذ مع كل فريضتين عقالهما وقرانهما وكان عمر رضي الله عنه أيضا يأخذ مع كل فريضة عقالا والله أعلم قوله (فما هو الا أن رأيت الله تعالى قد شرح صدر أبى بكر للقتال
(٢٠٩)