وشدوا علي التراب فان جنبي الأيمن ليس بأحق بالتراب من جنبي الأيسر.
وذكر المبرد: أن عمرو بن العاص لما حضرته الوفاة دخل عليه ابن عباس فقال له: يا أبا عبد الله كنت أسمعك كثيرا تقول: وددت لو رأيت رجلا عاقلا حضرته الوفاة حتى أسأله عما يجد، فكيف تجد؟ فقال: أجد كأن السماء منطبقة على الأرض، وكأني بينهما، وكأنما أتنفس من خرم إبرة.
وقال ابن أبي الحديد في شرح المختار (83) من خطب النهج، ج 6، ص 323، ط الحديثة بمصر،: وروى عبد الله بن عباس، قال:
دخلت على عمرو بن العاص وقد احتضر، فقلت: يا أبا عبد الله، كنت تقول:
أشتهي أني أرى عاقلا يموت حتى أسأله كيف تجد. قال: أجد السماء كأنها مطبقة على الأرض وأنا بينهما، وأراني كأنما أتنفس من خرق إبرة ثم قال: اللهم خذ مني حتى ترضى، ثم رفع يده فقال: اللهم أمرت فعصينا ونهيت فركبنا، فلا برئ فأعتذر، ولا قوي فأنتصر، ولكن لا إله إلا الله فجعل يرددها حتى فاض ثم ذكر ما رويناه عن الاستيعاب عنه.
أقول: وما أشبه بفرعون حين أيقن بالهلاك، فقال: آمنت بالله الذي آمنت به بنو إسرائيل. فأخذ جبرئيل كفا من حمأ البحر وأدخله في فيه، وقال له: (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين). أوما كان يدري انه كان من أشهر مصاديق قوله تعالى: (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال رب اني تبت الآن) الخ.
وقد ذكر ابن عساكر في ترجمة عمرو بن العاص أخبارا كثيرة بأنه لما كشف له الغطاء، ورأي ما أعد الله له ببصر حديد أظهر الندامة، وبكى بكاءا طويلا، فلنذكر نبذا منها فان لرواية أمثال هذه القضايا من لسان أولياء معاوية وعمرو، مزايا خاصة.
قال ابن عساكر: أخبرنا ابن أبي الدنيا، حدثني عبد الرحمان بن صالح