الملك الوفاة نظر إلى أهله يبكون عليه، فقال: جادلكم هشام بالدنيا، وجدتم له بالبكاء، وترك لكم ما جمع، وتركتم عليه ما حمل، ما أعظم منقلب هشام ان لم يغفر الله له.
ودخل الحسن على عبد الله بن الأهتم يعوده في مرضه، فرآه يصعد بصره في صندوق في بيته ويصوبه، ثم التفت إلى الحسن فقال: أبا سعيد!
ما تقول في مأة ألف في هذا الصندوق لم أؤد منها زكاة ولم أصل بها رحما؟
فقال له: ثكلتك أمك! لمن كنت تجمعها؟ قال: لروعة الزمان، وجفوة السلطان، ومكاثرة العشيرة. ثم مات فشهد الحسن جنازته، فلما فرغ من دفنه ضرب بيده على القبر ثم قال: أنظروا إلى هذا أتاه شيطانه فحذره روعة زمانه، وجفوة سلطانه، ومكاثرة عشيرته عما استودعه الله فيه وعمره فيه أنظروا إليه يخرج منها مذموما مدحورا. ثم قال: أيها الوارث لا تخدعن كما خدع صويحبك بالأمس، أتاك هذا المال حلالا، فلا يكون عليك وبالا، أتاك عفوا صفوا ممن كان له جموعا منوعا.
ثم ينبغي أيضا أن نذكر شذرة من الحكم التي نظمها الشعراء في الموضوع.
في المختار (19) من باب الراء، من الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السلام:
ما هذه الدنيا لطالبها * الا عناء وهو لا يدري ان أقبلت شغلت ديانته * أو أدبرت شغلته بالفقر وفي ترجمته (ع) من تاريخ ابن عساكر: ص 142. وكذلك نقله السيد الأمين (ره) في المختار الثاني، من حرف الباء، من الديوان، عن جواهر المطالب:
حقيق بالتواضع من يموت * ويكفي المرء من دنياه قوت فما للمرء يصبح ذا هموم * وحرص ليس تدركه النعوت