وبعدما اطلعت على صنيع المنحرفين، وسجية المعرضين عن أمير المؤمنين، وصرت من مشاقتهم من المتعجبين، ورأيت الأصدقاء متخاذلين، والسواد الأعظم من المؤمنين متكاسلين، وعن إحقاق الحق وإبطال الباطل قاصرين، وألد الخصوم علينا متحاملين، بدا لي أن أجمع لكتاب نهج البلاغة ما اطلعت عليه من الأسانيد الوثيقة، والمصادر المعتبرة القويمة، أداء لبعض ما يجب على العلماء، من إرشاد الجهال، وإبطال كيد المبطلين والضلال، وتدعيم الحقائق، وتوطيد الوثائق، علما بأن في الجمع المذكور إحقاقا للحق، وإبطالا للباطل، ولفتا لأنظار أهل الحق بأن في هذا العمل تشييد الأصول الاعتقادية، وترويج المسائل العملية، وترميم المكارم الأخلاقية، وتعزيز القوانين الاسلامية، وتأييد للمستقلات العقلية.
ولما شمرت عن ساعد الجد والاجتهاد، وخضت في جوامع كتب علمائنا الأخيار، وألممت ببعض ما حضرني من كتب أهل السنة - مع قلة مقدرتي عليها وشدة حاجتي إليها - رأيت أن ما فات عن السيد الرضي (ره) - أو تركه - من كلم أمير المؤمنين عليه السلام لا يقل عما جمعها وذكرها (7)