نهج السعادة - الشيخ المحمودي - ج ١ - الصفحة ٣٥٢
- 117 - ومن كلام له عليه السلام في نعت الدنيا ومدحها قال جابر بن عبد الله الأنصاري (ره): كنا مع أمير المؤمنين عليه السلام بالبصرة، فلما فرغ من قتال من قاتله أشرف علينا من آخر الليل، فقال: ما أنتم فيه؟ (1) فقلنا: في ذم الدنيا! فقال: على م تذم الدنيا يا جابر؟ (2) ثم حمد الله وأثنى عليه وقال:
أما بعد فما بال أقوام يذمون الدنيا [وقد] انتحلوا الزهد فيها؟! (3) الدنيا منزل صدق لمن صدقها، ومسكن عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود منها، مسجد أنبياء الله ومهبط وحيه، ومصلى ملائكته ومسكن أحبائه ومتجر أوليائه، اكتسبوا فيها الرحمة وربحوا منها الجنة.
فمن ذا يذم الدنيا - يا جابر - وقد آذنت ببينها؟!

(1) أشرف على الشئ: أطلع عليه من فوق، كمن ينظر من سطح جبل أو جدار إلى من تحته، وقد يطلق على الدنو بالشئ. وقوله عليه السلام: " ما أنتم فيه " أي ما الذي أنتم فيه، وأي شئ ما تتكلمون فيه.
(2) " على م " أصله: على ما، فحذف الألف تخفيفا.
(3) يقال: " تنحله وانتحل الشئ ": ادعاه لنفسه وليس له. وجملة: " أنتحلوا " صفة لقوله: " أقوام " ويجوز كونها حالا عنه، وبين المعقوفين زيادة منا.
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»
الفهرست