لا يستعجب الفطن الخبير المنصف من ذلك، مع أنه لم يعرف - ولن يعرف أبدا - بعد القرآن الكريم نظير كلام أمير المؤمنين - عليه السلام - عزا عربيا سرمدا ومع ذلك يقع في معرض الانكار، ويكون هدفا للنقاش، ويقابل بالمكابرة والمجادلة، وكيف لا يتعجب اللبيب ولم يعهد - ولن يكن معهودا لاحد - بعد الفرقان المجيد مثيل نهج البلاغة أساسا أدبيا مخلدا قد تمثل بصورة الاعجاز، ومع الوصف يجهل قدره؟! لا يقدره ذووه، ولا يصدقه أهلوه؟!!
وكيف لا يعجب الحكيم - أو يلام على ذلك - ولم يشاهد - ولن يشاهد أبدا - بعد تنزيل العزيز الحميد، عديل نهج البلاغة بيانا جامعا للحقائق، وكاشفا عن الغرض من إيجاد العالم وتشريع القوانين الإلهية، وبعث الأنبياء والسفراء، ومحاسبة العباد في يوم المعاد، وهل يترقب مثله كلاما شارحا للاسلام ومزاياه الراقية؟! وهل ينتظر شبهه بيانا سائقا إلى الايمان ودرجاته السامية، وثمراته الطيبة، وبركاته العظيمة، ولوازمه الرغيبة الحبيبة الحميدة؟! أنى يترقب مثله وهو معجزة الخلافة؟! أو أنى ينتظر شبهه وهو من أنوار الإمامة!! ومن لوازم الوصاية والولاية كل ذلك مما خص الله تعالى بها وليه ووصي نبيه ميزة له عن المبطلين، ودلالة على إمامته، وحجة على خلافته، وتحفظا " على غرضه وحكمته، ولطفا على بريته وقطعا لمعاذير عباده، ليهلك من هلك عن بينة، ويحي من حي عن بينة (6).