وليتذكر أيضا بأنا لا نقتصر على خصوص كلمه عليه السلام البليغة، وألفاظه الرشيقة، وإن كان جل ألفاظه أقواله مذهبا برونق الفصاحة، ونوع كلمه مطلى بماء البلاغة ومحلى بحلية الايجاز (11) بل نذكر كل ما اشتمل على معنى بديع، أو إثبات حق أو إبطال باطل، أو يتضمن الارشاد إلى مصلحة مهمة، أو ما ينفر عن وجوه العناء والشقاء، أو يتعرض الدلالة على أمر جليل وخطب عظيم عامة الناس عنه غافلون، وصار بينهم نسيا منسيا، وبالجملة نذكر من كلمه عليه السلام ما كان مقربا إلى السعادة وموجباتها، ومبعدا عن الشقاوة وموبقاتها، سواء كان بليغا - كما هو الشأن في أغلب ما صدر عنه عليه السلام - أم لا يكون كذلك، وما قيمة البلاغة في قبال السعادة وموجباتها؟! وفي جانب التخلص من الشقاوة وموبقاتها، وفي حذاء انجاء النفوس من الهلكات، وإحيائها من مرديات الهوى وسكر متاع الحيات الدنيا، وهل البلاغة إلا زينة الحياة الدنيا، وزخرف دار الفناء، وزهرة أيام التظاهر والتعارض!!!
وليعلم أيضا أنا لاحظنا الترتيب في كلامه عليه السلام (12) فقدمنا ما هو أقدم صدورا وأسبق حدوثا في عالم الخارج - ولو بحسب التقريب والظن - فرتبنا ما اخترناه من كلمه الأول فالأول، بحسب ما عثرنا عليه وشهد الشاهد الداخلي - كمضمون الكلام أو سنده -، أو الشاهد الخارجي والقرينة المنفصلة على زمان صدوره وأوان إلقائه وتكلمه به، ليتسلسل كلامه بحسب الترتيب والتأليف كتسلسله بحسب الصدور والبروز في نفس الامر وعالم الخارج