يتنازلون بالخضوع لكل أحد ليست هي المحبة والنصرة ولا شئ من معاني الكلمة، وإنما هي الرئاسة الكبرى التي كانوا يستصعبون حمل نيرها إلا بموجب يخضعهم لها وهي التي استوضحها أمير المؤمنين عليه السلام للملأ باستفهام، فكان من جواب القوم: أنهم فهموها من نص رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا المعنى غير خاف حتى على المخدرات في الحجال فعن الزمخشري في ربيع الأبرار (1)، عن الدارمية الحجونية التي سألها معاوية عن سبب حبها لأمير المؤمنين عليه السلام وبغضها له، فاحتجت عليه بأشياء منها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقبه بالأمر منه وطلب ما ليس له. ولم ينكره عليها معاوية.
وقبل هذه كلها مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام واحتجاجه به يوم الرحبة (2)، وكان ذلك لما نوزع في خلافته وبلغه اتهام الناس له فيما كان يرويه من تفضيل رسول الله صلى الله عليه وسلم له وتقديمه إياه على غيره (3). وقال برهان الدين الحلبي في سيرته (4):
(احتج به بعد أن آلت إليه الخلافة ردا على من نازعه فيها). أفترى والحالة هذه معنى معقولا للمولى غير ما نرتأيه وفهمه هو عليه السلام ومن شهد له من الصحابة ومن كتم الشهادة إخفاءا لفضله حتى رمي بفاضح من البلاء (5)، ومن نازعه حتى أفحم