ذاك الذي استوحش منه أنس * أن يشهد الحق فشاهد البرص (1) إذ قال: من يشهد بالغدير لي * فبادر السامع وهو قد نكص فقال: أنسيت. فقال: كاذب * سوف ترى ما لا تواريه القمص يا بن أبي طالب! يا من هو من * خاتم الأنبياء في الحكمة فص فضلك لا ينكر لكن الولا * قد ساغه بعض وبعض فيه غص فذكره عند مواليك شفا * وذكره عند معاديك غصص كالطير بعض في رياض أزهرت * وابتسم الورد وبعض في قفص (2) الشاعر أبو القاسم علي بن إسحاق بن خلف القطان البغدادي النازل بالكرخ في قطيعة الربيع الشهير بالزاهي (المتولد 318 والمتوفى 352 أو بعد 360).
هو شاعر عبقري تحيز في شعره إلى أهل بيت الوحي، ودان بمذهبهم، وأدى بمودتهم أجر الرسالة، فكان أكثر شعره الواقع في أربعة أجزاء فيهم مدحا ورثاءا بحيث عد في (معالم العلماء) في طبقة المجاهدين من شعرائهم وصافا، فلم يزل فيه يكافح عنهم ويناطح، وينازل ويناضل، ولذلك لم يلف نشورا بين من كان يناوئهم أو لا يقول بأمرهم، فحسبوه مقلا من الشعر - كما في (تاريخ بغداد) وغيره -، غير أن جزالة شعره، وجودة تشبيهه، وحسن تصويره، لم يدع لأرباب المعاجم منتدحا من إطراءه.
وفي فهم المعنى الذي لا يبارح الخلافة والإمامة من لفظ (المولى) من مثل الزاهي العارف بمعاريض الكلام، والمتسالم على تضلعه في اللغة والأدب العربي، وبثه في نظمه لحجة قوية على الصواب الذي ترتأيه الشيعة في الاستدلال بحديث