الفصل الخامس شعراء الغدير نجز المطلوب (ولله الحمد) من هذا الكتاب بعد أن المسك باليد حقيقة ناصعة هي من أجلى الحقائق الدينية. ألا! وهي: مغزى نص الغدير ومفاده، ذلك النص الجلي على إمامة مولانا أمير المؤمنين، بحيث لم يدع لقائل كلمة، ولا لمجادل شبهة في تلك الدلالة. وقد أوعزنا في تضاعيف ذلك البحث الضافي إلى أن هذا المعنى من الحديث هو الذي عرفته منه العرب منذ عهد الصحابة الوعاة له وفي الأجيال من بعدهم وإلى عصرنا الحاضر، فهو معنى اللفظ اللغوي المراد لا محالة قبل القرائن المؤكدة له وبعدها، وقد أسلفنا نزرا من شواهد هذا المدعى، غير أنه يروقنا هاهنا التبسط في ذلك بإيراد الشعر المقول فيه، مع يسير من مكانة الشاعر وتوغله في العربية، ليزداد القارئ بصيرة على بصيرته.
ألا! إن كلا من أولئك الشعراء الفطاحل (وقل في أكثرهم: العلماء) معدود من رواة هذا الحديث، فإن نظمهم إياه في شعرهم القصصي ليس من الصور الخيالية الفارغة، كما هو المطرد في كثير من المعاني الشعرية، ولدى سواد عظيم من الشعراء، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون؟ لكن هؤلاء نظموا قصة لها خارج، وأفرغوا ما فيها كلم منثورة أو معان مقصودة، من غير أي تدخل للخيال فيه،