هذا منكم؟ فقالوا: (بما كسرت خاطر شاعرنا أبي عبد الله ابن الحجاج فعليك أن تمضي إليه وتدخل عليه وتعتذر إليه وتأخذه وتمضي به إلى مسعود بن بابويه وتعرفه عنايتنا فيه وشفقتنا عليه.) فقام السيد من ساعته ومضى إلى أبي عبد الله فقرع عليه الباب فقال ابن الحجاج: سيدي الذي بعثك إلي أمرني أن لا أخرج إليك، وقال: إنه سيأتيك. فقال: نعم سمعا وطاعة لهم. ودخل عليه واعتذر إليه ومضى به إلى السلطان وقصا القصة عليه كما رأياها فأكرمه وأنعم عليه وخصه بالرتب الجليلة وأمر بإنشاد قصيدته (1).
الشاعر أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن الحجاج النيلي البغدادي (المتوفى 391).
هو أحد العمد والأعيان من علماء الطائفة، وعبقري من عباقرة حملة العلم والأدب. ينم عن مقامه الرفيع في العلوم الدينية وتضلعه فيها وشهرته في عصره بها توليه الحسبة مرة بعد أخرى في عاصمة العالم في ذلك اليوم (بغداد) وهي من المناصب الرفيعة العلمية التي كانت تخص توليها في العصور المتقادمة بأئمة الدين، وزعماء الإسلام، وكبراء الأمة. فالشعر كان أحد فنونه، كما أن الكتابة إحدى محاسنه الجمة، وله في العلم قنن راسية، وقدم راسخة، غير أن انتشار أدبه الفائق، ومقاماته البديعة فيه، وتعريف الأدباء إياه بأدبه الباهر، وقريضه الخسرواني، والثناء عليه بأنه ثاني معلميه - كما في (نسمة السحر) - أخفى صيت علمه الغزير، وغطى ذكره العلمي... (2).