تشكرها العروبة والعرب، وأكبر برهنة على هذه كلها ديوانه الضخم الفخم في أجزائه الأربعة الطافح بأفانين الشعر وفنونه وضروب التصوير وأنواعه، فهو يكاد في قريضه يلمسك حقيقة راهنة مما ينضده، ويدر المعنى المنظوم كأنه تجاه حاستك الباصرة، ولا يأتي إلا بكل أسلوب رصين، أو رأي صحيف، أو وصف بديع، أو قصد مبتكر، فكان مقدما على أهل عصره مع كثرة فحولة الأدب فيه، وكان يحضر جامع المنصور في أيام الجمعات ويقرأ على الناس ديوان شعره (1).
... ولعمر الحق إن من المعاجز أن فارسيا في العنصر يحاول قرض الشعر العربي فيفوق أقرانه ولا يتأتى لهم قرانه، ويقتدى به عند الورد والصدر، ولا بدع أن يكون من تخرج على أئمة العربية من بيت النبوة وعاصرهم وآثر ولاءهم واقتص أثرهم كالعلمين الشريفين المرتضى والرضي وشيخهما شيخ الأمة جمعاء (المفيد) ونظرائهم أن يكون هكذا... (2).
14 - سيدنا الشريف المرتضى:
لو لم يعاجله النوى لتحيرا * وقصاره وقد انتأوا أن يقصرا أفكلما راع الخليط تصوبت * عبرات عين لم تقل فتكثرا قد أوقدت حرى الفراق صبابة * لم تستعر ومرين دمعا ما جرى شغف يكتمه الحياء ولوعة * خفيت وحق لمثلها أن تظهرا أين الركائب؟! لم يكن ما علنه * صبرا ولكن كان ذاك تصبرا لبين داعية النوى فأريننا * بين القباب البيض موتا أحمرا