أيديهم خيانة ما كان حل له تركه، وكان له أن يأخذه كله فإنه فئ المسلمين، فما له يأخذ نصفه ويترك نصفه؟!
ولإن كانوا غير خونة فما حل له أن يأخذ أموالهم ولا شيئا منه قليلا ولا كثيرا، وإنما أخذ أنصافها.
ولو كانت في أيديهم خيانة، ثم لم يقروا بها ولم تقم عليهم البينة ما حل له أن يأخذ منهم قليلا ولا كثيرا، وأعجب من ذلك إعادته إياهم إلى أعمالهم، لئن كانوا خونة ما حل له أن يستعملهم، ولئن كانوا غير خونة ما حلت له أموالهم.
ثم أقبل علي (عليه السلام) على القوم فقال: العجب لقوم يرون سنة نبيهم تتبدل وتتغير شيئا شيئا، وبابا بابا، ثم يرضون ولا ينكرون، بل يغضبون له، ويعتبون على من عاب عليه وأنكره.
ثم يجيء قوم بعدنا فيتبعون بدعته وجوره وأحداثه، ويتخذون أحداثه سنة ودينا يتقربون بها إلى الله، في مثل تحويله مقام إبراهيم (عليه السلام) من الموضع الذي وضعه فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الموضع الذي كان فيه في الجاهلية الذي حول منه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وفي تغييره صاع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومده وفيهما فريضة وسنة، فما كان زيادته إلا سوء، لأن المساكين في كفارة اليمين والظهار بهما يعطون ما يجب من الزرع.
وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اللهم بارك لنا في مدنا وصاعنا، لا يحولون بينه وبين ذلك، لكنهم رضوا وقبلوا ما صنع.
وقبضه وصاحبه فدك وهي في يد فاطمة (عليها السلام) مقبوضة قد أكلت غلتها على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فسألها البينة على ما في يدها.
ولم يصدقها، ولا صدق أم أيمن، وهو يعلم يقينا - كما نعلم - أنها في يدها، ولم يكن يحل له أن يسألها البينة على ما في يدها، ولا أن يتهمها، ثم استحسن الناس ذلك