فاستحلفتهم فحلفوا، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): هيهات يا شريح هكذا تحكم في مثل هذا؟! فقال: يا أمير المؤمنين فكيف؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): والله لأحكمن فيهم بحكم ما حكم به خلق قبلي إلا داود النبي (عليه السلام)، يا قنبر ادع لي شرطة الخميس فدعاهم فوكل بكل رجل منهم رجلا من الشرطة ثم نظر إلى وجوههم فقال: ماذا تقولون؟ أتقولون إني لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى إني إذا لجاهل؟ ثم قال:
فرقوهم وغطوا رؤوسهم، قال: ففرق بينهم وأقيم كل رجل منهم إلى أسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطاة بثيابهم ثم دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه فقال:
هات صحيفة ودواة، وجلس أمير المؤمنين صلوات الله عليه في مجلس القضاء وجلس الناس إليه فقال لهم: إذا أنا كبرت فكبروا ثم قال للناس: اخرجوا ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ثم قال لعبيد الله بن أبي رافع: اكتب إقراره وما يقول: ثم اقبل عليه بالسؤال فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): في أي يوم خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم؟ فقال الرجل في يوم كذا وكذا قال: وفي أي شهر؟ قال في شهر كذا وكذا قال: في أي سنة؟ قال في سنة كذا وكذا قال: وإلى أين بلغتم في سفركم حتى مات أبو هذا الفتى؟ قال: إلى موضع كذا وكذا قال: وفي منزل من مات؟ قال: في منزل فلان بن فلان قال: وما كان مرضه؟ قال: كذا وكذا قال: وكم يوما مرض؟ قال: كذا وكذا قال: ففي أي يوم مات؟ ومن غسله ومن كفنه وبما كفنتموه؟ ومن صلى عليه ومن نزل قبره؟ فلما سأله عن جميع ما يريد كبر أمير المؤمنين (عليه السلام) وكبر الناس جميعا فارتاب أولئك الباقون ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر عليهم وعلى نفسه، فأمر أن يغطى رأسه وينطلق به إلى السجن، ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ثم قال: كلا زعمتم أني لا أعلم ما صنعتم؟
فقال: يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد من القوم ولقد كنت كارها لقتله فأقر، ثم دعا بواحد بعد واحد كلهم يقر بالقتل وأخذ المال ثم رد الذي كان أمر به إلى السجن فأقر أيضا فألزمهم المال والدم فقال شريح: يا أمير المؤمنين وكيف حكم داود النبي (عليه السلام)؟