فأذن لي ومعي غلام لي، ومعي مال كثير في عيبة (1)، ففقدت العيبة، فاتهمت الغلام، فوعدته وتوعدته فلم يقر لي بشئ، قال: فصرعته وقعدت على صدره، ووضعت مرفقي على صدره، وغمزته (2)، غمزة وانا لا أريد قتله، فمات تحتي، وسقط في يدي، فقدمت المدينة فسألت سعيد بن المسيب وأبا عبد الرحمن وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، فكلهم قال: لا نعلم لك توبة!
فبلغ ذلك علي بن الحسين، فقال علي به، فأتيته فقصصت عليه القصة، فقال: إن لذنبك توبة، صم شهرين متتابعين واعتق رقبة مؤمنة، واطعم ستين مسكينا، ففعلت.
ثم خرجت أريد عبد الملك وقد بلغه أني أتلفت المال، فأقمت ببابه أياما لا يؤذن لي بالدخول، فجلست إلى معلم لولده وقد حذق ابن لعبد الملك عنده، وهو يعلمه ما يتكلم به بين يدي أمير المؤمنين إذا دخل عليه، فقلت لمؤدبه: ما تأمل من أمير المؤمنين، أن يصلك به، فلك عندي ذلك على تكلم الصبي إذا دخل على أمير المؤمنين، فإذا قال له: سل حاجتك، يقول له: حاجتي أن ترضى عن الزهري.
ففعل، فضحك عبد الملك وقال: أين هو؟ قال: بالباب.
فاذن لي فدخلت، حتى إذا صرت بين يديه، قلت: يا أمير المؤمنين، حدثني سعيد بن مسيب عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) انه قال: " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين " (3).