قال: أين بلدك؟ قلت: المدينة قال: لعلك جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب؟ قلت: بلى قال لي: فما ينفعك شرف أصلك مع جهلك بما شرفت به، وتركك علم جدك وأبيك، لأن لا تنكر ما يجب أن يحمد ويمدح فاعله.
قلت: وما هو؟ قال: القرآن كتاب الله قلت: وما الذي جهلت؟ قال: قول الله عز وجل (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها) وإني لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين، ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين فهذه أربع سيئات، فلما تصدقت بكل واحد منها كانت أربعين حسنة فانتقص من أربعين حسنة أربع سيئات بقي لي ست وثلاثون.
قلت: ثكلتك أمك أنت الجاهل بكتاب الله، أما سمعت الله عز وجل يقول (إنما يتقبل الله من المتقين) إنك لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين، ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين ولما دفعتهما إلى غير صاحبهما، بغير أمر صاحبهما، كنت إنما أضفت أربع سيئات إلى أربع سيئات، ولم تضف أربعين حسنة إلى أربع سيئات، فجعل يلاحيني فانصرفت وتركته.
(16) - كنز الفوائد للكراجكي: ذكر أن أبا حنيفة أكل طعاما مع الإمام الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) فلما رفع (عليه السلام) يده من أكله قال: (الحمد لله رب العالمين اللهم إن هذا منك ومن رسولك). فقال أبو حنيفة: يا أبا عبد الله أجعلت مع الله شريكا؟ فقال له:
ويلك إن الله تعالى يقول في كتابه: (وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله).
ويقول في موضع آخر: (ولو أنهم رضوا ما آتيهم الله ورسوله وقالوا: حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله) فقال أبو حنيفة: والله لكأني ما قرأتهما قط من كتاب الله ولا سمعتهما إلا في هذا الوقت، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): بلى قد قرأتهما وسمعتهما، ولكن الله تعالى أنزل فيك وفي أشباهك (أم على قلوب أقفالها) وقال:
(كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون).