السنة والحق، ولم تمت على بدعة، أخبرك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في زمان مقفر جدب، فأما إذا أقبلت الدنيا، فأحق أهلها بها أبرارها، لا فجارها، ومؤمنوها، لا منافقوها، ومسلموها لا كفارها، فما أنكرت يا ثوري؟! فوالله إنني لمع ما ترى، ما أتى علي مذ عقلت صباح ولا مساء، ولله في مالي حق أمرني أضعه موضعا إلا وضعته.
(15) - الاحتجاج: بالاسناد إلى أبي محمد العسكري عن آبائه، عن الصادق (عليه السلام): أنه قال: قوله عز وجل (اهدنا الصراط المستقيم) يقول: أرشدنا الصراط المستقيم، أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك، والمبلغ إلى جنتك من أن نتبع أهواءنا فنعطب، أو نأخذ بآرائنا فنهلك، فان من اتبع هواه وأعجب برأيه كان كرجل سمعت غثاء الناس تعظمه وتصفه فأحببت لقاءه من حيث لا يعرفني لأنظر مقداره ومحله فرأيته في موضع قد أحق به خلق من غثاء العامة فوقفت منتبذا عنهم مغشيا بلثام أنظر إليه وإليهم، فما زال يراوغهم حتى خالف طريقهم وفارقهم، ولم يقر.
فتفرقت العوام عنه لحوائجهم وتبعته أقتفي أثره فلم يلبث أن مر بخباز فتغفله، فأخذ من دكانه رغيفين مسارقة، فتعجبت منه، ثم قلت في نفسي: لعله معاملة، ثم مر من بعده بصاحب رمان فما زال به حتى تغفله فأخذ من عنده رمانتين مسارقة، فتعجبت منه ثم قلت في نفسي: لعله معاملة. ثم أقول: وما حاجته إذا إلى المسارقة؟! ثم لم أزل أتبعه حتى مر بمريض فوضع الرغيفين والرمانتين بين يديه ومضى، وتبعته حتى استقر في بقعة من صحراء فقلت له: يا عبد الله لقد سمعت بك وأحببت لقاءك، فلقيتك لكني رأيت منك ما شغل قلبي، وإني سائلك عنه ليزول به شغل قلبي. قال: ما هو؟ قلت: رأيتك مررت بخباز وسرقت منه رغيفين، ثم بصاحب الرمان فسرقت منه رمانتين.
فقال لي: قبل كل شئ: حدثني من أنت؟ قلت: رجل من ولد آدم من أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: حدثني ممن أنت؟ قلت: رجل من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)