فجلس مكانه، وقال: ردوه إلي فردوه فقال له: يا علي بن الحسين إني لست قاتل أبيك، فما يمنعك من المصير إلي؟ فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): إن قاتل أبي أفسد بما فعله دنياه عليه، وأفسد أبي عليه بذلك آخرته، فان أحببت أن تكون كهو فكن، فقال: كلا، ولكن صر إلينا لتنال من دنيانا، فجلس زين العابدين وبسط رداه وقال:
اللهم أره حرمة أوليائك عندك، فإذا إزاره مملوة دررا يكاد شعاعها يخطف الأبصار، فقال له: من يكون هذا حرمته عند ربه يحتاج إلى دنياك؟! ثم قال: اللهم خذها فلا حاجة لي فيها.
(16) - روضة الواعظين: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن سعيد بن جبير كان يأتم بعلي بن الحسين (عليه السلام) فكان علي يثني عليه، وما كان سبب قتل الحجاج له الا على هذا الأمر، وكان مستقيما، وذكر أنه لما دخل على الحجاج بن يوسف قال: أنت شقي بن كسير؟
قال: أمي كانت أعرف بي، سمتني سعيد بن جبير، قال: ما تقول في أبي بكر وعمر، هما في الجنة أو في النار؟ قال: لو دخلت الجنة فنظرت إلى أهلها لعلمت من فيها، ولو دخلت النار ورأيت أهلها لعلمت من فيها، قال: فما قولك في الخلفاء؟ قال: لست عليهم بوكيل، قال: أيهم أحب إليك؟ قال: أرضاهم لخالقي قال: فأيهم أرضى للخالق؟
قال: علم ذلك عند الذي يعلم سرهم ونجواهم قال: أبيت أن تصدقني قال: بل لم أحب أن أكذبك.