ولا يجوز أن يناط اختيار أفراد هذه الطبقة بالفراسة وحسن الظن، فان الرجال يتصنعون الصلاح، ويتظاهرون بالمقدرة والأمانة، ليظفروا بمثل هذا المنصب، فيخدعون الفراسة، وينتزعون حسن الظن بتصنعهم، دون أن يكونوا على شئ من الصلاح والكفاءة.
إن اختيار أفراد هذه الطبقة يجب ان تلاحظ فيه اعتبارات متعددة.
يجب أن يكونوا على معرفة تامة بمحيطهم وبحاجاته، ليصدروا في إدارته عن وعي.
ويجب أن يكونوا إلى جانب المعرفة أكفاء، ذوي مقدرة على تصريف ما أنيط بهم من أمور.
ويجب أن يكونوا - إلى جانب هذا وذاك - ممن يعرفهم الشعب بالحب له، والحدب عليه، ورعاية مصالحه وتيسير حاجاته، والسهر على رفاهيته وسعادته، فان هذه الطبقة حين تتألف من مثل هؤلاء يطمئن الشعب إلى الحكم، ويستريح إلى أعمال الحاكم.
ويعرف ذلك كله بالنظر إلى سابق ما ولوه من أعمال الصالحين من الحكام، هل أحسنوا إدارته؟ وهل برهنوا فيه على دراية بأساليب الاصلاح؟ وهل كانت للشعب فيهم ثقة؟ فإذا اجتمعت فيهم هذه الصفات: من قدرتهم وكفائتهم إلى معرفتهم بمحيطهم، إلى حب الشعب لهم، وإيمانه بهم، حق لهم ان يدخلوا في هذه الطائفة، وحق على الحاكم ان يؤلفها منهم.
قال عليه السلام:
(.. ثم لا يكن اختيارك إياهم على فراستك واستنامتك، وحسن الظن منك، فان الرجال