يتعرفون لفراسات الولاة بتصنعهم، وحسن خدمتهم وليس وراء ذلك من النصيحة والأمانة شئ، ولكن اختبرهم بما ولوا للصالحين قبلك: فاعمد لأحسنهم كان في العامة أثرا، وأعرفهم بالأمانة وجها، فان ذلك دليل على نصيحتك لله ولمن وليت أمره).
عهد الأشتر * * * لقد نظر ان الامام فرأى أن طائفة الوزراء هي أعظم أجهزة الدولة أهمية، لان جميع الشؤون تناط بها، وترجع إليها، وتصدر عنها، في السياسة والإدارة والحرب.
ولا يصح ان تناط هذه المهام بشخص واحد أو بمجموعة من الاشخاص، فان الإحاطة بدقائق كل هذه المهام ومعرفة أسرارها لا تتاح في العادة للشخص الواحد، ولو أتيحت لواحد فأنيط به أمرها لما أحسن التصرف، ولوقع في الخطأ وسوء التدبير، لان اضطلاعه بها يرهقه ويبهظه، فاما أن يصرفها كلها فيقع في الخطأ، وينأى عنه بعد النظر، وأصالة الرأي، وسلامة التدبير. وإما أن يهمل بعضها ويصرف بعضها الآخر فيقع الاضطراب في أعمال الدولة بسبب إهماله.
وان أنيطت المهام بجماعة من الناس دون تحديد المهمة الملقاة على عاتق كل منهم وقعت البلبلة وشاع الاهمال، فينقض أحدهم ما أبرمه الآخر، ويصرف أحدهم ما أمسكه صاحبه، ويمضي اثنان أمرين متضادين، ويهمل كل واحد منهم بعض المهمات اتكالا على رفاقه.
فأحسن الوسائل لضمان سير أعمال الدولة على مستوى عال من حسن التدبير، وإصابة الهدف هو ما قرره الإمام عليه السلام، وهو أن يناط بكل واحد من