وها هو، بالنسية إلى طائفة الوزراء ومن يتعلق بهم، ينص على هذا المعنى ويؤكده تأكيدا وافيا.
فلا يجوز أن يدخل في هذه الطبقة رجال كانوا وزراء للظلمة والأشرار.
وذلك لان تأليف هذه الطبقة من هؤلاء يستتبع عواقب وخيمة تعود بالضرر على الدولة.
فهم، وقد استمرءوا فعل الظلم وتعودوا على مقارفته لا يعفون عن العودة إليه والارتكاس فيه. وإذا كانوا ذوي أنفس شريرة مست أعمالهم المجتمع كله نظرا إلى سعة سلطانهم، وعظيم قدرتهم، لان ملاك القوى كلها مجتمع عندهم.
وضرر آخر ينجم عن دخولهم في هذه الطبقة، فالشعب الذي عرفهم بالجور، وذاق منهم مر الظلم تذهب ثقته بالحكم المهيمن عليه حين يراهم قد عادوا إلى مراكزهم، ويعتبره حكما أقيم لمصلحة طبقة خاصة، ومتى ذهب ايمان الشعب بحاكمية أهمل من حقوق الحاكمين عليه ما يجب ان يؤديه، لاعتقاده أنه حين يلبيهم فيما يطلبون لا يقوم بعمل يعود بالنفع عليه.
وقد أصبح من المعطيات البديهية في علم الاجتماع ان ما يثير الشعوب ليس الظلم نفسه وإنما الشعور بالظلم، وسيطرة أشخاص مثل هؤلاء على دفة الحكم يوقظ في الشعب تصورات الظلم الذي ذاقه على أيديهم في عهودهم السابقة، وهذا كاف لان يولد في نفسه الشعور بالظلم وان لم يكونوا ظالمين. وهكذا تحدث بين الحاكم والمحكوم هوة تبعد أحدهما عن الآخر، وتسلب ثقة كل منهما بالآخر، وفي بعض ذلك ما يجر الدولة إلى مصير وبيل.
قال عليه السلام:
(إن شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيرا، ومن شركهم في الآثام، فلا يكونن لك بطانة، فإنهم أعون الأئمة، وأخوان الظلمة).
عهد الأشتر