ما التبس على غيره، فان نزلت به إحدى المبهمات هيأ حشوا رثا من رأيه ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت، لا يدري أصاب أم أخطأ؟
فإن أصاب خاف ان يكون قد أخطأ، وان أخطأ رجا ان يكون قد أصاب، جاهل خباط جهالات، عاش ركاب عشوات، لم يعض على العلم بضرس قاطع.) (1).
ولا جل تفادي هذا المصير السئ لسلطة القضاء، وضع عليه السلام نظاما يجب أن يتبع في تأليف هذه الفئة، يضمن أن تكون على مستوى عال من الكفاءة للمهمات المناطة بها.
* * * تؤتى السلطة القضائية من ناحيتين.
الأولى: ناحية القاضي نفسه فإذا كان غير كفء لمنصبه أسف بهذا المنصب، ولم يؤد حقه المفروض.
الثانية: ناحية المنصب نفسه، فما لم يكن القاضي مستقلا في حكمه لا يخضع لتأثير هذا وإرادة ذلك، لم تكن هناك سلطة قضائية بالمعنى الصحيح، وإنما تكون السلطة القضائية حينئذ أداة لا لباس رأي فلان ثوب الحق وإسباغ مسحة الباطل على دعوى فلان. ولا تؤتى السلطة القضائية من غير هاتين الناحيتين.
وقد رسم الامام في عهده إلى الأشتر ثلاثة أمور ينبغي أن تتبع في انتقاء أفراد هذه الطبقة ومعاملتهم، واتباع هذه الأمور يكفل لهم أن يمارسوا مهمتهم بحرية، وأن يؤدوا هذه المهمة باخلاص.