قال عليه السلام:
(ولا يدعونك شرف امرى إلى أن تعظم من بلائه ما كان صغيرا ولا ضعة امرئ إلى أن تستصغر من بلائه ما كان عظيما) عهد الأشتر * * * والمشاركة الوجدانية من الأمور التي يجب توفرها بين القائد وجنوده.
فحينما تتوفر المشاركة الوجدانية بين القائد وجنوده، ويشعرون بأنهم ليسوا تحت سلطان جبار يسومهم العذاب، ويتخذهم سبلا إلى إظهار سلطانه، ووسائل لخدمة مآربه، وإنما هم تحت رعاية أب بار يعمل لخيرهم، ويسعى لاسعادهم، ويحدب عليهم، ويرأف بهم، ويوجههم نحو ما فيهم صلاحهم.. حينما يستقر في أعماقهم هذا الشعور يعملون بإخلاص وإتقان وحرارة وإيمان، ويقبلون على عملهم بشوق رغبة منهم في إبهاج قائدهم وإشاعة الزهو (؟) والفرح في قلبه، فإن القائد بجنوده، وكلما كان عملهم رائعا ومتقنا دل ذلك على حسن توجيهه وواسع خبرته وعظيم معرفته. وليس بخاف ما يعود به هذا على الدولة من القوة والتماسك.
وكما أن المحبة والعطف والخلق الحسن شروط لازمة في حصول هذا الشعور عند الجنود فإن تأمين الناحية الاقتصادية شرط لازم أيضا. فلا يسع جنديا أن يخلص لعمله وهو يسمع، بقلبه، صراخ زوجته وأطفاله من الجوع أو العري أو المرض، لذلك أرشد الامام الحاكم إلى أن طبقة العسكريين يجب أن تتألف ممن يولون كلا الناحيتين: الاقتصادية والمعنوية عظيم اهتمامهم، وان خير قواده خيرهم لجنوده، وأحد بهم عليهم، وأرفقهم بهم، وأرعاهم لشؤونهم في السراء والضراء، فإن هذا هو السبيل الوحيد إلى توليد هذه المشاركة الوجدانية التي تعود على الدولة بأجل الفوائد وأعظم الخيرات.