بحيطتهم على ولاة الأمور وقلة استثقال دولهم، وترك استبطاء انقطاع مدتهم، فأفسح لهم في آمالهم، وواصل في حسن الثناء عليهم، وتعديد ما أبلى ذوو البلاء منهم، فإن كثرة الذكر لحسن أفعالهم تهز الشجاع وتحرض الناكل إن شاء الله).
عهد الأشتر وتأمل الفقرة الأخيرة: (. فإن كثرة الذكر لحسن أفعالهم تهز الشجاع وتحرض الناكل..) فإنها تتضمن مغزى عميقا، فبدلا من أن يوجه اللوم إلى الناكل لنكولة مما قد يولد في قلبه الضغن والنية السيئة - بدلا من هذا يبعث إلى العمل عن طريق المنافسة، فحين يسمع الثناء على ذوي البلاء الحسن من أقرانه، وحين يرى أن العمل يجد صدى مستحبا عند الرئيس يعبر عنه بالتقدير، يندفع إلى العمل بباعث نفسي فيجد فيه متعة ولذة يدفعانه إلى اتقانه، بدل أن يزاوله مكرها، لو دفع إليه عن طريق اللوم فلا يجد فيه لذة، ولا يشعر نحوه بأي سرور نفسي يدفعه إلى التجويد والاتقان.
وعلى الحاكم أن يكون يقظا في تتبع أفعالهم، فينسب الفعل إلى صاحبه، ولا يتجاوز به إلى غيره، ولا يقصر في جزائه، فإن غفلته عنهم تشعرهم بأن أعمالهم لا تجد ثوابها الحق، ولا تلقى التقدير الذي تستحق.
قال عليه السلام:
(ثم أعرف لكل امرئ منهم ما أبلى، ولا تضيفن بلاء امرئ إلى غيره، ولا تقصر به دون غاية بلائه).
عهد الأشتر والمقياس في الجزاء والثواب وحسن الأحدوثة نفس العمل، لا السلالة ولا الغنى ولا أي شئ آخر.