(الثالث) جواب الخليفة لرسول أرسلته فاطمة ليطالب بما كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، إذ قال له: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا نورث ما تركناه صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال، وإني والله لا أغير شيئا من صدقات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1). فإننا إذا افترضنا أن معنى الحديث في رأي الخليفة عدم توريث النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأملاكه، كان كلامه متناقضا، لأن استدلاله بالحديث في صدر كلامه يدل حينئذ على أنه يعترف بأن ما تطالب به الزهراء هو من تركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأملاكه التي مات عنها - ليصح انطباق الحديث عليه - والجملة الأخيرة من كلامه وهي قوله: (وإني والله لا أغير شيئا من صدقات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)، تعاكس هذا المعنى، لأن ما طلبت الزهراء تغييره عن أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم - بزعم الخليفة - هو فدك وعقاراته في المدينة، وما بقي من خمس خيبر. فأبو بكر حين يقول: إني والله لا أغير شيئا من صدقات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يعني بها تلك الأموال التي طالبت بها الزهراء، ورأي معنى مطالبتها بها تغييرها عن حالها السابقة، ومعنى تسميته لها بصدقات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن من رأيه أنها ليست ملكا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بل صدقاته التي كان يتولاها في حياته. ويوضح لنا هذا أن استدلاله بالحديث في صدر كلامه لم يكن لإثبات أن أملاك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا تورث وإنما أراد بذلك توضيح أن الأموال القائمة ليست من أملاك النبي، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم ذكر أنها صدقة.
2 - ونستطيع أن نتبين من بعض روايات الموضوع أن الخليفة ناقش