فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ١٣٢
هذا الخطاب موجه إلى الحزب الحاكم لأنه هو الذي زعم ما نسبته الزهراء إلى مخاطبيها فيما يأتي من تعليل التسرع إلى إتمام البيعة بالخوف من الفتنة. وإذن فهو اتهام صريح له بالتآمر على السلطان واتخاذ التدابير اللازمة لهذه المؤامرة الرهيبة ووضع الخطط المحكمة لتنفيذها وتربص الفرصة السانحة للانقضاض على السلطة وتجريد البيت الهاشمي منها.
وقد رأينا في الفصل السابق أن الاتفاق السري بين الصديق والفاروق وأبي عبيدة (1) رضى عنه الله مما تعززه الظواهر التاريخية.
ولا ينبغي أن نترقب دليلا ماديا أقوى من كلام الزهراء الذي بينا اشعاره إلى هذه المعنى بوضوح لمعاصرتها لتلك الظروف العصيبة. فلا ريب أنها كانت تفهم حوادث تلك الساعة فهما أخص ما يوصف به أنه أقرب إلى واقعها وأكثر إصابة له من دراسة يقوم بها النقاد بعد مئات السنين.
ومن حق البحث أن نسجل أن الزهراء هي أول من أعلنت - إن لم يكن زوجها هو المعلن الأول - عن التشكيلات الحزبية للجماعة الحاكمة واتهمتها بالتآمر السياسي، ثم تبعها على ذلك جملة من معاصريها كأمير (2) المؤمنين (صلوات الله عليه) ومعاوية (3) بن أبي سفيان - كما عرفنا سابقا.

(١) نعتذر إلى سيدنا أبي عبيدة عن ذكر اسمه مجردا عن اللقب، وليس هذا ذنبي بل ذنب الأجل الذي عجل بروحه قبل أن يصير الأمر إليه فيمنحه الناس لقبا من الألقاب، وأما لقب الأمين فالأرجح عندي أنه لم يحصل عليه من طريق النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا عن طريق الناس، وإنما لقب به لمناسبات خاصة ليس من شأنها تقرير الأوسمة الرسمية. (الشهيد) (٢) إشارة إلى قول الإمام علي عليه السلام: (احلب يا عمر حلبا لك شطره! اشدد له اليوم أمره ليرد لك غدا...). شرح النهج ٦: ١١. وراجع ص ١٢، قول أبي عبيدة للأمام.
(٣) راجع قول معاوية في رسالة جوابية إلى محمد بن أبي بكر - مروج الذهب ٣: ١٩٩، وقعة صفين / نصر بن مزاحم: 119 - 120.
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 7
2 تقديم بقلم الإمام الشهيد الصدر (قدس سره) 15
3 الفصل الأول: على مسرح الثورة 17
4 تمهيد 19
5 أجواء الحدث 22
6 مستمسكات الثورة 25
7 طريق الثورة 29
8 النسوة 30
9 ظاهرة 31
10 الفصل الثاني: فدك بمعناها الحقيقي والرمزي 33
11 الموقع 35
12 فدك في أدوارها الأولى (عصر الخلفاء) 35
13 فدك في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) 36
14 في فترة الأمويين 37
15 في فترة العباسيين 39
16 القيمة المعنوية والمادية لفدك 41
17 الفصل الثالث: تاريخ الثورة 43
18 منهج دراسة التاريخ 45
19 تقويم تاريخ صدر الإسلام 47
20 مع العقاد في دراسته 53
21 بواعث الثورة 59
22 دوافع الخليفة الأول في موقفه 61
23 أبعاد قضية فدك السياسية 63
24 قضية فدك في ضوء الظروف الموضوعية 70
25 مسألة موت الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 71
26 مسألة السقيفة وموقف الإمام علي (عليه السلام) 73
27 تحليل الموقف في قصة السقيفة 84
28 الإمام علي (عليه السلام) خصائصه وموقفه من الخلافة 97
29 مسألة عدم الاحتجاج بالنص 106
30 المواجهة السلمية 112
31 الفصل الرابع: قبسات من الكلام الفاطمي 121
32 عظمة الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 123
33 عظمة الإمام علي (عليه السلام) ومؤهلاته الشخصية 124
34 مقارنة بين مواقف الإمام (عليه السلام) والآخرين 126
35 حزب السلطة الحاكمة 131
36 الفتنة الكبرى 135
37 الفصل الخامس: محكمة الكتاب 145
38 موقف الخليفة الأول من تركة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 147
39 روايات الخليفة الأول ومناقشتها 151
40 موقف الخليفة من مسألة الميراث 165
41 نتائج المناقشة 170
42 مسألة النحلة 185