هذا الخطاب موجه إلى الحزب الحاكم لأنه هو الذي زعم ما نسبته الزهراء إلى مخاطبيها فيما يأتي من تعليل التسرع إلى إتمام البيعة بالخوف من الفتنة. وإذن فهو اتهام صريح له بالتآمر على السلطان واتخاذ التدابير اللازمة لهذه المؤامرة الرهيبة ووضع الخطط المحكمة لتنفيذها وتربص الفرصة السانحة للانقضاض على السلطة وتجريد البيت الهاشمي منها.
وقد رأينا في الفصل السابق أن الاتفاق السري بين الصديق والفاروق وأبي عبيدة (1) رضى عنه الله مما تعززه الظواهر التاريخية.
ولا ينبغي أن نترقب دليلا ماديا أقوى من كلام الزهراء الذي بينا اشعاره إلى هذه المعنى بوضوح لمعاصرتها لتلك الظروف العصيبة. فلا ريب أنها كانت تفهم حوادث تلك الساعة فهما أخص ما يوصف به أنه أقرب إلى واقعها وأكثر إصابة له من دراسة يقوم بها النقاد بعد مئات السنين.
ومن حق البحث أن نسجل أن الزهراء هي أول من أعلنت - إن لم يكن زوجها هو المعلن الأول - عن التشكيلات الحزبية للجماعة الحاكمة واتهمتها بالتآمر السياسي، ثم تبعها على ذلك جملة من معاصريها كأمير (2) المؤمنين (صلوات الله عليه) ومعاوية (3) بن أبي سفيان - كما عرفنا سابقا.