فبدأ يطوف (1) سرا على زعماء المسلمين ورجالات المدينة، يعظهم ويذكرهم ببراهين الحق وآياته، وإلى جانبه قرينته تعزز موقفه وتشاركه في جهاده السري، ولم يكن يقصد بذلك التطواف إنشاء حزب يتهيأ له القتال به لأننا نعرف أن عليا كان له حزب من الأنصار هتف باسمه، وحاول الالتفاف حوله وإنما أراد أن يمهد بتلك المقابلات لاجماع الناس عليه.
وهنا تجئ مسألة فدك لتحتل الصدارة في السياسة العلوية الجديدة، فإن الدور الفاطمي الذي رسم هارون النبوة خطوطه بإتقان، كان متفقا مع ذلك التطواف الليلي في فلسفته وجديرا بأن يقلب الموقف على الخليفة وينهي خلافة الصديق كما تنتهي القصة التمثيلية لا كما يقوض حكم مركز على القوة والعدة.
وكان الدور الفاطمي يتلخص في أن تطالب الصديقة الصديق بما انتزعه منها من أموا ل، وتجعل هذه المطالبة وسيلة للمناقشة في المسألة الأساسية وأعني بها مسألة الخلافة وإفهام الناس بأن ا للحظة التي عدلوا فيها عن علي عليه السلام إلى أبي بكر كانت لحظة هوس وشذوذ (2)، وأنهم بذلك أخطأوا وخالفوا كتاب ربهم ووردوا غير شربهم (3).