ولما اختمرت الفكرة في ذهن فاطمة اندفعت لتصحح أوضاع الساعة وتمسح عن الحكم الإسلامي الذي وضعت قاعدته الأولى في السقيفة الوحل الذي تلطخ به، عن طريق اتهام الخليفة الحاكم بالخيانة السافرة، والعبث بكرامة القانون، واتهام نتائج المعركة الانتخابية التي خرج منها أبو بكر خليفة بمخالفة ا لكتاب والصواب (1).
وقد توفرت في المقابلة الفاطمية ناحيتان لا تتهيئان للأمام فيما لو وقف موقف قرينته.
(إحداهما) إن الزهراء أقدر منه بظروف فجيعتها الخاصة ومكانتها من أبيها، على استثارة العواطف، وإيصال المسلمين بسلك من كهرباء الروح بأبيها العظيم صلوات الله عليه وأيامه الغراء وتجنيد مشاعرهم لقضايا أهل البيت.
(والأخرى) إنها مهما تتخذ لمنازعتها من أشكال فلن تكتسب لون الحرب المسلحة التي تتطلب زعيما يهيمن عليها ما دامت امرأة وما دام هارون النبوة في بيته محتفظا بالهدنة التي أعلنها حتى تجتمع الناس عليه ومراقبا للموقف ليتدخل فيه متى شاء، متزعما للثورة إذا بلغت حدها الأعلى أو مهدئا للفتنة إذا لم يتهيأ له الظرف الذي يريده. فالحوراء