تريد أيضا بطلا يتقبل القران ويعزز به المبدأ، وهذا هوى الذي بعث بعلي إلى فراش الموت (1) وبالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى مدينة النجاة يوم الهجرة الأغر كما أشرنا إليه قريبا، ولم يكن ليتهيأ للأمام في محنته بعد وفاة أخيه أن يقدم لها كلا البطلين، لأنه ضحى بنفسه في سبيل توجيه الخلافة إلى مجراها الشرعي في رأيه لما بقي بعده من يمسك الخيط من طرفيه، وولدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طفلان لا يتهيأ لهما من الأمر ما يريد.
وقف علي عند مفترق طريقين كل منهما حرج وكل منهما شديد على نفسه: - (أحدهما) أن يعلن الثورة المسلحة على خلافة أبي بكر.
(والاخر) أن يسكت وفي العين قذى، وفي الحلق شجا، ولكن ماذا كان يترقب للثورة من نتائج؟ هذا ما نريد أن نتبينه على ضوء الظروف التاريخية لتلك الساعة العصيبة.
إن الحاكمين لم يكونوا ينزلون عن مراكزهم بأدنى معارضة وهم من عرفناهم حماسة وشدة في أمر الخلافة. ومعنى هذا أنهم سيقابلون ويدافعون عن سلطانهم الجديد، ومن المعقول جدا حينئذ أن يغتنم سعد بن عبادة الفرصة ليعلنها حربا أخرى في سبيل أهوائه السياسية، لأننا نعلم أنه هدد الحزب المنتصر بالثورة عندما طلب منه البيعة وقال: (لا والله حتى