لنلاحظ ناحية أخرى فإن عليا لو ظفر بجماعة توافقه على دعواه، وتشهد له بالنصوص النبوية المقدسة، وتعارض إنكار الفئة الحاكمة، كان معنى ذلك أن ترفض هذه الجماعة خلافة أبي بكر وتتعرض لهجوم شديد من الحاكمين ينتهي بها إلى الاشتراك في حرب مع الحزب الحاكم المتحمس لكيانه السياسي إلى حد بعيد، فإنه لا يسكت عن هذا اللون من المعارضة الخطرة. فمجاهرة علي بالنص كانت تجره إلى المقابلة العملية، وقد عرفنا سابقا أنه لم يكن مستعدة لاعلان الثورة على الوضع القائم والاشتراك مع السلطات المهيمنة في قتال.
ولم يكن للاحتجاج بالنص أثر واضح من أن تتخذ السياسة الحاكمة احتياطاتها وأساليبها الدقيقة لمحو تلك الأحاديث النبوية من الذهنية الإسلامية، لأنها تعرف حينئذ أن فيها قوة خطر على ا لخلافة القائمة ومادة خصبة لثورة المعارضين في كل حين.
وإني أعتقد أن عمر لو التفت إلى ما تنبه إليه الأمويون بعد أن احتج الأمام بالنصوص في أيام خلافته (1)، واشتهرت بين شيعته، من خطرها لاستطاع أن يقطعها من أصولها، ويقوم بما لم يقدر الأمويون عليه من إطفاء نورها. وكان اعتراض الأمام بالنص في تلك الساعة ينبهه إلى ما يجب أن ينتهجه من أسلوب فأشفق على النصوص المقدسة أن تلعب بها السياسة