وسكت عنها على مضض، واستغفل بذلك خصومه، حتى إن عمر (رضي الله تعالى عنه) نفسه صرح بأن عليا هو ولي كل مؤمن ومؤمنة بنص النبي (1) صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم ألم يكن من المعقول أن يخشى الأمام على كرامة حبيبه وأخيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تنتقض وهي أغلى عنده من كل نفيس - إذا جاهر بنصوص النبي صلى الله عليه وآله وسلم - وهو لم ينس موقف الفاروق من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين طلب دواة ليكتب كتابا لا يضل الناس بعده أبدا، فقال عمر: (إن النبي ليهجر أو قد غلب عليه الوجع) (2). وقد اعترف فيما بعد لابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يريد أن يعين عليا للخلافة وقد صده عن ذلك خوفا من الفتنة (3).
وسواء أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يريد أن يحرر حق علي في الخلافة أو لا، فإن المهم أن نتأمل موقف عمر من طلبه، فهو إذا كان مستعدا لاتهام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجها لوجه بما ينزهه عنه نص القرآن 51 (4)، وضرورة الإسلام، خوفا من الفتنة، فما الذي يمنعه عن اتهام آخر له بعد وفاته مهما تلطفنا في تقديره فلا يقل عن دعوى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يصدر عن أمر الله في موضوع الخلافة، وإنما استخلف عليا بوحي من عاطفته، بل كان هذا أولى من تلك المعارضة لأن الفتنة التي تقوم بدعوى على النص أشد مما كان يترقبه عمر من اضطراب فيما إذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد خلف نصت تحريريا