مقال أسداه إلينا فضيلة الأستاذ الخطيب البارع الشيخ محمد تيسير الشامي إمام الجماعة بدمشق في جامع سيدتنا رقية سلام الله عليها وعلى أبيها الطاهر.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي من علينا إذ بعث فينا رسولا من أنفسنا يتلو علينا آياته، ويعلمنا الكتاب والحكمة، ويزكينا وإن كنا من قبل لفي ضلال مبين. وأشكره أن جعلنا من الذين استجابوا الله بالإيمان به، وللرسول بإجابة دعوته واتباع سنته، وجعلنا من أمة نبيه تدور مع الحق حيث ما دار، ووهب لنا من فضله علما ومعرفة واطلاعا لتصح شهادتنا على الناس، وحبانا بالتزكية ليكون الرسول شاهدا علينا.
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا ومولانا محمد وآله الذي جعله مولاه حريصا علينا، وصيره رؤوفا رحيما بنا، فجزاه الله تعالى بأفضل ما جازى نبيا عن أمته، الذي ترك فينا كتاب الله وعترته وأخبر بنجاة من تمسك بهما من أمته. ورضي الله تعالى عن الأصحاب والأحباب الذين نالوا شرف رؤيته واقتفاء سيرته، وعلى من اقتدى بهديهم وسار على نهجهم. آمين.
وبعد: لما كان العلم خير ما يؤتاه المرء، وجل ما تصبوا إليه النفس، وكان التطلع والارتقاء لعلياه صعبا مضنيا، والاكتراع من مناهله خطرا مغريا، ويحتاج وارده لتوفيق إلهي أولا، وموافقة وأخذا بالأسباب ثانيا، ليميز بين الغث والثمين، والمستقيم والملتوي ويعرف الحق من غيره ليصح الأخذ ويسلم.
لذلك كان المحتم على طالبه أن يبحث ويدقق ويميز ويقارن جميع ما وصل إليه، ويتشوق لما لم يصل إليه (منهومان لا يشبعان) ففي يوم من الأيام زارني أحدهم وأجال طرفه بمكتبتي الصغيرة فسئلني: هل يوجد لديك كتاب [الغدير]؟ فأجبته بالسلب، وقد وقع في نفسي اقتناء هذا الكتاب بعد ما سمعت عنه من الاطناب وهو جدير إلى أن أتحفني المؤلف حفظه الله تعالى بنسخة منه، فنظرت الكتاب وتصفحته