وسبرت غور ما فيه بقدر ما اتسع ذلك عندي وإذا بي أرى كتابا لا كالكتب، وعقل مؤلفه لا كالعقول، وأيم الله لقد أكبرت فيه كل شئ: من سعة الاطلاع، وترتيب الأبواب لحسن الانتقاء، وفصل الخطاب. من قول متزن، وقلم سيال للتدقيق، ووضوح في العبارة، وصدق في المقال. من إصابة الكشف عن الحق بأوضح دليل لقوة في رد الخصم وإنارة السبيل.
فإذا بي أردد قول الله تعالى: [ما شاء الله لا قوة إلا بالله] ورأيت لولا التيمن والبركة بتسمية الغدير لكان خليقا أن يسمى بالأبحر السبعة وهو جدير، لأني رأيت أن من أتاه يحسبه غديرا فيرغب في وروده فإذا خاضه يجده بحرا زاخرا فيستخرج منه لحما طريا وحلية يتحلى بها، ولكن لا يأمن سالكه على نفسه إلا إذا تمسك بسفينة النجاة لتقوده لشاطئ السلامة، ألا وهي: آل المصطفى وعترته، وهم أحد الثقلين المنشودين.
فهنيئا لك يا من نالتك عناية الله وتوفيقه، فحباك هذا العلم الزاخر لتبز به المعاند والمكابر. وبارك في مجهودك، ونصبك وكلل مسعاك بالأجر والثواب، وجعلني وإياك ومن أحب من خدام سيدنا أبي تراب عليه السلام ونفع الله بغديرك قاريه، وكان الله تعالى لك ولمن آزرك فيه، والحمد لله أولا وآخرا.
20 ربيع الثاني 1375 محمد تيسير المخزومي