لقد أتحفتم الأمة المسلمة، والملا العلمي المذهبي بهذه الصفحات الغراء، والسطور النيرة، والكلم الجامعة مع تأليف الأمة والدعوة إلى توحيد صفوفها بالتمسك بحبل ولاء العترة، والعروة الوثقى التي لا انفصام لها، ولا تؤخذكم في الله لومة لائم.
وقد أظهرتم في هذا الجزء الممتع مخازي ابن آكلة الأكباد، عدو الاسلام ومبغضه، الذي عادت الخلافة الإسلامية بيده الأثيمة ملكا عضوضا، وقيصرية وكسروية، وكشفتم الستر عن خبيئة جرائمه، وأبنتم ما في صحيفة تاريخه السوداء من ضلال وبدع وأحداث وجرائر وموبقات، وأيم الله ما فضل الاسلام إلا برياسته، وما راج الجور والعدوان إلا بإمارته، وما ذلت رقاب الأمة الصالحة إلا بسلطته، وما انكفئ الدين إلا بهذا الماجن المهتوك، رجل البدع والأهواء.
لقد أوضحتم سفاسف الرجل وبوائقه ونفاقه وتهاونه بأمر الله ونهيه، واحتقاره نواميس الدين وشرائعه وطقوسه وتعاليمه، وخدمتم أي خدمة لأهل بيت النبوة بالدفاع عنهم، والذب عن ناموسهم، وإفضاح عدوهم النابذ كتاب الله وراء ظهره، قاتل جدي الأعلى الإمام الزكي المجتبى ريحانة الرسول وسبطه المفدى، ولكم الحق العظيم على الأمة عامة وعلى البيت الحسني وأنا من أبنائه خاصة، جزاكم الله عن النبي وأهله خيرا.
وأنى لنا يا شيخنا الأجل! أداء حق هذه الموسوعة الكريمة وهي من حسنات جامعة العلم والدين الكبرى النجف الأشرف وقد صدرت بعناية صاحبها الأعظم وحامي حماها مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، ولاغرو إذن أيها العلامة الكبير إني منذ أن تلقيت مجلدات هذا الكتاب القيم، وسبرت صفحاته بتفكير وإمعان، ما عثرت على اشتباه أو سهو طفيف في سر التاريخ والشعر والترجمة والأثر، وهذا أمر لا يستهان به، وقلما يتفق هذا في الكتب الضخمة المشتملة على عدة مجلدات، وليس ذلك إلا بتأييد وعناية خاصة من الله تعالى بكم في هذا العمل البار الناجع، وقد عرفكم من عرفكم بهما، حفظكم الله علما للعلم والدين، وأحيى بكم الاسلام والمسلمين.
15 شعبان 1375 محمد علي القاضي الطباطبائي